کد مطلب:145669 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:168

اهل البیت و اهل الکوفة
و فی بعض الكتب: عن سهل بن سعید الشهرزوری، عن جدیلة الأسدی قال: قال لی: یا أخی! كنت بالكوفة سنة احدی و ستین حین منصرف الناس من كربلاء، فرأیت نساء مهتكات الجیوب، لا طمات الخدود، فقلت لشیخ من أهل الكوفة: ماذا أصاب؟

قال: أولا تری رأس الحسین علیه السلام؟! فبینما یقص علی ذلك و اذا بامرأة كأنها التبر المذاب علی سنام بعیر أدبر من غیر وطاء و لا حجاب، فسألت عنها.

فقیل لی: هذه ام كلثوم علیهاالسلام.

و اذا خلفها ولد قد أضر به الوجع، علی سنام بعیر أعجف، و رأسه مكشوف، و الدم یسیل من ساقیه، فسألته: من هذا الولد؟

فقال: علی بن الحسین علیه السلام.

فخنقتنی العبرة، و اذا بنساء أهل الكوفة تناول الأطفال الذین فی حجور النساء من خمس تمرات، و قطعة رغیف.

فصاحت بهن ام كلثوم علیهاالسلام: علی من یتصدق علینا أهل البیت، فان الصدقة علینا حرام.

و جعلت تأخذ ذلك من أیدی الأطفال و أفواههم، و ترمی به الی الأرض، فضج الناس بالبكاء و النحیب، فشقوا الجیوب، و نادوا: و ابن بنت نبیاه! وا حسناه! وا حسیناه!


و اذا بامرأة مشكوفة الرأس، منشورة الشعر علی المتنین، تستر وجهها بكفیها، اذ لم یكن عندها خرقة تستر وجهها، فقلت: من هذه؟

فقال: سكینة علیهاالسلام.

و اذا علی سنام جمل أدبر ثلاث بنات كأنهن الأقمار، مسلبات الأطمار، منشورة الشعر علی الأكتاف، و لا لهن ستر و لا لحاف، فقلت: من هذه البنات؟

فقالوا: رقیة و صفیة و فاطمة الصغری علیهم السلام.

فعمیت عینای من البكاء، و اذا بامرأة تبكی و تصیح: أما تغضون أبصاركم عن حرم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم؟

فضج الناس بالبكاء و العویل، فقلت: من هذه؟

فقال: زینب علیهاالسلام.

فضربت علی وجهی و بكیت، فرفعت رأسها ام كلثوم علیهاالسلام، و قالت:

صه؛ یا أهل الكوفة؛ تقتلنا رجالكم، و تبكینا نساؤكم، و ما لنا؟ و مالكم؟ بیننا و بینكم الله وقت فصل القضاء.

یا أهل الجدل و الصلف! لقد تعدیتم عدوانا مبینا، أما علمتم أی كبد لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فریتم؟ أم أی رحم له قطعتم؟ أم أی بناء له هدمتم؟ لقد جئتم و الله؛ شیئا ادا [1] .

و فی «المنتخب»: روی مرسلا عن مسلم الجصاص قال: دعانی ابن زیاد لعنه الله لاصلاح دار الامارة بالكوفة، فبینما أنا أجصص الأبواب، و اذا أنا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة، فأقبلت الی خادم كان یعمل معنا،


فقلت: مالی أری الكوفة تضج؟

فقال: الساعة أتوا برأس خارجی خرج علی یزید بن معاویة.

فقلت: و من هذا الخارجی؟

فقال: الحسین بن علی علیهماالسلام.

قال: فتركت الخادم حتی خرج، فلطمت علی وجهی حتی خشیت علی عینی أن یذهب، و غسلت یدی من الجص، و خرجت من ظهر القصر، و أتیت الی الكناس.

فبینما أنا واقف و الناس یتوقعون وصول السبایا [2] و الرؤوس، اذ أقبلت نحو أربعین شقة تحمل علی أربعین جملا، فیها الحرم و النساء و أولاد فاطمة علیهاالسلام، و اذا بعلی بن الحسین علیهماالسلام علی بعیر بغیر وطاء، فأوداجه تشخب دما، و هو مع ذلك یبكی و هو یقول:



یا أمة السوء لا سقیا لربعكم

یا أمة لم تراع جدنا فینا



لو أننا و رسول الله یجمعنا

یوم القیامة ما كنتم تقولونا؟



تسیرونا علی الأقتاب عاریة

كأننا لم نشید فیكم دینا



بنی امیة ما هذا الوقوف علی

تلك المصائب لا تلبون داعینا



تصفقون علینا كفكم فرحا

و أنتم فی فجاج الأرض تؤذونا [3] .



ألیس جدی رسول الله ویلكم؟

أهدی البریة من سبیل المضلینا



یا وقعة الطف! قد أورثتنی كمدا [4] .

[و] الله یهتك أستار المسیئینا




قال: و صار أهل الكوفة یناولون الأطفال الذین علی المحامل بعض التمر و الخبز و الجوز، فصاحت بهم ام كلثوم علیهاالسلام و قالت:

یا أهل الكوفة! ان الصدقة علینا حرام.

و صارت تأخذ ذلك من أیدی الأطفال و أفواههم و ترمی بهم الی الأرض.

قال: و الناس یبكون علی ما أصابهم.

ثم ان ام كلثوم علیهاالسلام أطلعت رأسها من المحمل، و قالت لهم:

صه، یا أهل الكوفة! تقتلنا رجالكم، و تبكینا نساؤكم، فالحاكم بیننا و بینكم الله یوم فصل القضاء.


[1] الدمعة الساكبة: 5 / 43 و 44.

[2] السبايا - بالفتح - جمع سبي بمعني الأسير، «منه رحمه الله».

[3] في المصدر و البحار: تسبونا.

[4] كمد - كفلس و بالتحريك -: شدة الحزن،«منه رحمه الله»، و في البحار: حزنا.